نرحب برسائلكم وآراءكم

السبت، 27 يونيو 2009

سلطة حماس تتِّبع سنن سلطة فتح

بسم الله الرحمن الرحيم

سلطة حماس تتِّبع سنن سلطة فتح
شبراً بشبر وذراعاً بذراع!!

عندما أنشئت حركة فتح في منتصف ستينات القرن الماضي أعلنت أنها تتبنى المقاومة لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، ثم انتهى بها المطاف أن أضاعت النهر والبحر وما بينهما! لقد اعترفت سلطة فتح بكيان يهود في معظم معظم فلسطين، وصارت تفاوضها على دولة في ما بقي من فلسطين برعاية أمريكية، وكان رئيس السلطة كلما حزبه أمر شد الرحال إلى واشنطن... ومع ذلك، فإن سلطة فتح حتى اليوم، وبعد سنين طوال من المفاوضات، لم تنل شيئاً، بل هي في ظل الاحتلال تروح وتجيء بإذنه، حتى إن رئيسها لا يستطيع السفر إلا بإذنٍ من كيان يهود!
ثم أنشئت حماس بعد نحو عقدين من إنشاء فتح، فبدأت الشوط الذي سارته فتح من أوله، فأعلنت أنها تتبنى المقاومة لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وبدأت تنتقد حركة فتح لاعترافها بدولة يهود، ولمطالبتها فقط في دولة بحدود 1967، وأنها ترتمي في أحضان أمريكا، وتتفاوض مع كيان يهود... ثم انتهى المطاف بسلطة حماس كذلك إلى أن تطالب بدولة في حدود 1967، بجانب دولة يهود في معظم معظم فلسطين! وتمد يدها إلى أمريكا للتفاوض حول تحقيق هذا الأمر!
وعلى الرغم من أن سلطة حماس، منذ دخولها الانتخابات في ظل الاحتلال، ومنذ استلامها الحكم في ظل الاحتلال، ومنذ اتفاقية مكة... كان واقع مشروعها الفعلي ينطق بدولة في حدود 1967 بجانب دولة يهود، لكنها كانت تتلاعب بالألفاظ تجاه القرارات الدولية والعربية التي تقر الدولتين، فتقول إنها تحترم القرارات الدولية بدل أن تقول إنها تعترف بالقرارات الدولية، وكل من له عقل سليم يعلم أن من يحترم قراراً، فهو يعترف به عاجلاً أم آجلاً!
إلا أنها اليوم، وفي خطاب كبير حماس خالد مشعل في دمشق 25/6/2009م قد نطقت بالفم الملآن أنها تريد دولة في حدود 1967، وأنها تمد يدها للتفاوض مع أمريكا لهذا الغرض!
والمفارقة أن "فتح" أعلنت الموافقة على دولة في الضفة وغزة، وأن تحرير فلسطين من النهر إلى البحر أصبح تراثاً من الماضي، أعلنت ذلك بعد حوالي عشرين سنة على قيامها، أي في مؤتمرها الذي عقد في الجزائر في تشرين الأول 1988، وكذلك حماس أعلنت الموافقة على دولة في حدود 1967، ومد اليد للتفاوض مع أمريكا، أعلنت ذلك بعد نحو عشرين سنة من انطلاقتها في 1987! فكأنها تتِّبع سنن فتح شبراً بشبر وذراعا بذراع!
أيها المسلمون:
إننا لا نريد الخوض في واقع تشكيل عدد من التنظيمات لنبيِّن أن الدول الغربية، وبخاصة أمريكا وبريطانيا، لم تكن غائبة عن تشكيل هذه التنظيمات، لا نريد الخوض في ذلك، لأن واقع الحال يغني عن المقال، غير أننا نقول، والحق بإذن الله نقول: إنه على قدر ما آلمنا اعتراف فتح بالدولتين في فلسطين، واحدة لكيان يهود في معظم معظم فلسطين، وأخرى لفلسطين في شيء من فلسطين بشروط وقيود، إلا أنه آلمنا أكثر أن تهوي حماس إلى هذا الواقع، وذلك لأن "فتح" قد وافقت على أن يكون في فلسطين دولتان بنظرة وطنية براغماتية، وليس باسم الإسلام، فلم تدَّع فتح يوماً أنها حركة إسلامية، أما حماس فهي في أعين العامة حركة إسلامية، وخطورة هذا الأمر هو في أن تظن العامة أن الإسلام يجيز إقرار كيان يهود على ما اغتصبه في فلسطين عام 1948 إذا هو انسحب مما احتله في عام 1967، وهنا الطامة! ولهذا كنا نحرص دائماً على أن تتجنب حماس الوقوع في هذا المستنقع، فنصحناهم أن لا يدخلوا الانتخابات في ظل الاحتلال، ونصحناهم أن لا يدخلوا السلطة في ظل الاحتلال... ولكنهم لم يعيروا أي اهتمام لهذا النصح، بل فسروه تفسيراً معوجاً غير مستقيم!
أيها المسلمون:
على الرغم من أن ألَمَنا كبير في أن تعترف حركة "إسلامية" بدولتين في فلسطين، إلا أننا نرى في ذلك شيئاً من الضوء، فإن ظهور الواقع على حقيقته خير من بقائه ضبابياً خادعاً، فأن ترى الشيء والشمس في رابعة النهار خير من أن تراه في عتمة الليل، فتزل قدم بذلك بعد ثبوتها لعدم وضوح الرؤية! ومع كل هذا، فإن لفلسطين رجالها الذين يقلبون الألم أملاً، بإذن الله، فاعتراف فتح وحماس بدولتين في فلسطين لن يجعل كيان يهود مشروعاً في الإسلام، فليست فتح وحماس هما الإسلام والمسلمين، بل هما نزر يسير من القافلة انحرف عن الطريق، أما فلسطين، فهي أرض إسلامية مباركة، ملك للأمة الإسلامية، وهي تقع في عقلها وقلبها، منذ أن ربط الله سبحانه أقصاها بالبيت الحرام في الحادثة العظيمة، حادثة الإسراء والمعراج،} سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{.
هذه فلسطين، لن يكون حلها باليد الممدودة لأمريكا بالتفاوض حول حل الدولتين، ولا بالتفاوض مع كيان يهود، حتى لو انسحب فعلاً من كل المحتل في 1967، فإن أي شبر في فلسطين المحتلة 1948م، وأي شبر في فلسطين المحتلة 1967م، هما في نظر الإسلام سواء، فقد جُبلت الأرض المباركة بدماء شهداء الجيش الإسلامي، على مر عصور الخلافة الإسلامية، حتى لم يبق شبر من فلسطين لم يسقط فيه دم شهيد أو غبار فرس لمجاهد.
إن فلسطين منذ حادثة الإسراء أمانة في أعناق المسلمين، فقد فتحها المسلمون في عهد عمر t، وكانت العهدة العمرية التي أكدت منذ ذلك التاريخ سلطان الإسلام على فلسطين، وقضت بأن لا يسكن القدس المباركة على وجه الخصوص يهود... واستمرت تلك الأمانة على مدى التاريخ، كلما تجرأ على فلسطين عدو وتمكن من احتلالها وتدنيسها، قام قادة عظام في ظل الخلافة بتحريرها من دنس ذلك العدو، فكان صلاح الدين الذي طهرها من الصليبيين، وكان قطز وبيبرس اللذان طهّراها من التتار... ثم كان الخليفة عبد الحميد في آخر أيام الخلافة عندما حافظ عليها فمنع عصابات هرتزل من الاستيطان فيها. لقد كان هذا هو الذي يجب أن يكون لو كانت الخلافة قائمة، فتزيل كيان يهود المغتصب لفلسطين، وتعيد فلسطين كاملة إلى ديار الإسلام.
إن فلسطين لا زالت أمانة في أعناق المسلمين، ولا يملك مسلم حر أن يخون هذه الأمانة، فالله القوي العزيز يقول:
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ{.

4 رجب 1430 هـ


26/6/2009م

حزب التحرير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق